الكذب سياسة
- نشر بتاريخ السبت, 02 أبريل/نيسان 2016 الساعة 12:42 مسائاً
قبل أسابيع ذكرت وكالة فارس الإيرانية للأنباء المقربة من الحرس الثوري ومن المرشد الأعلى علي خامنئي، أن الجنرال قاسم سليماني زار روسيا، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنهما بحثا العلاقات الثنائية، وعدداً من الملفات الدولية.
أرادت الوكالة ومعها عدد من وكالات الأنباء الرسمية في إيران، إعطاء انطباع بأن الجنرال تعافى وأنه بخير، بعد أن اعترف الإيرانيون بإصابته إصابة بالغة في حلب. طبعاً الروس يعرفون كيف يكذبون، ويتفهمون الكذبة الإيرانية، وبإمكان موسكو أن تصفق لـ»الرقصة الإيرانية»، وأن تكون أريحية إلى أبعد مدى مع أخبار طهران.
بل يسحبونه ببساطة من على الموقع الإلكتروني المعني، وترك المدى له لينتشر في مواقع أخرى روجت له عن الموقع الأول الذي يكون قد سحب الخبر من أساسه. قال وزير خارجية عربي سابق إن الإيرانيين يكذبون ونحن نعرف أنهم يكذبون، وهم يعرفون أننا نعرف. ومع ذلك يكذب الإيرانيون، وإذا راجعهم أحد في كذبهم يردون على طريقة المثل العربي «أتكذبني وتصدق الحمار»، ولك أن تبلط البحر أو تشرب ماءه إن شئت. الكل يعرف أن محمد رضا النائب في البرلمان الإيراني قال بكل تبجح إن صنعاء «رابع عاصمة عربية سقطت في يد إيران»، وقال أكثر من قائد ديني وسياسي وعسكري إيراني إن «الطريق إلى القدس تمر عبر صنعاء»، وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية، بدأت الطائرات والسفن الإيرانية تصل تباعاً إلى صنعاء، محملة بالأسلحة، والمعدات والخبراء العسكريين. وبعد بدء الحملة الجوية للتحالف العربي على مواقع الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن، صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في اليوم التالي بقوله: لن نتدخل عسكرياً، ولكن سنواصل الضغوط السياسية، قبل أن يتحدث الإعلام الإيراني – لاحقا – عن أن طهران نصحت الحوثيين بعدم دخول صنعاء، لكن الحوثيين لم يستمعوا إلى النصائح. ورطت إيران الحوثيين وتركتهم في شَرَكهم عالقين، وانصرفت تكمل مفاوضاتها مع «الشيطان الأكبر» لإكمال صفقة الاتفاق النووي، ودفع الحوثيون واليمنيون من بعدهم ثمن إغراءات طهران للحوثي بالعودة إلى مكة موطن آبائه وأجداده. كان شأن الإيرانيين والحوثيين كشأن قيس وليلى، كما قيل: شهَّر قيس بليلى في قصائده ولم يتزوجها. والإيرانيون غنوا لبطولات الحوثيين كثيراً، وأنشأوا المعلقات في مديح «قائد الثورة الإسلامية في اليمن» عبدالملك الحوثي، ثم تركوا الحوثيين لمصيرهم، وذهبوا ينشدون «قصة غرام» جديدة مع الأمريكيين، بينما لا يزال الحوثيون إلى اليوم يرددون «الموت لأمريكا»، وسط صنعاء. السياسة الإيرانية أصبحت واضحة في تعمد الكذب ونشر الإشاعات لتوريط «الشيعة العرب» في حروب الوكالة التي تخوضها تنظيمات، اختطفتهم لصالح المشروع القومي الإيراني، ولرسم صورة مكبرة لإيران وقادتها الدينيين والعسكريين.